أي نخلاً طوالاً. والتركيب دائر على معنى الستر، وكأنها لتكاثفها وتظليلها سميت بالجنة التي هي المرّة، من مصدر جنه إذا ستره، كأنها سترة واحدة لفرط التفافها. وسميت دار الثواب «جنة» لما فيها من الجنان. فإن قلت: الجنة مخلوقة أم لا؟ قلت: قد اختلف في ذلك. والذي يقول إنها مخلوقة يستدل بسكنى آدم وحواء الجنة وبمجيئها في القرآن على نهج الأسماء الغالبة اللاحقة بالأعلام؛
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدلوان الضخمان. والناضج: البعير يُستقى عليه. وتخصيص النواضح والمقتلة لأنها تخرج الدلو ملآن بخلاف الصعبة فإنها تنفر فيسيل الماء من نواحي الغرب فلا يبقى منه إلا صبابة. والسحوق من النخيل الطويلة والجمع سحق، وأراد بالجنة النخل؛ لأنها أحوج إلى الماء، والطوال منها أكثر احتياجاً من القصار، وفي قوله: "في غربي" تجريدية.
قوله: (سميت بالجنة) أي: سميت الجنة وهي البستان (بالجنة التي هي المرة من مصدر جنة) لما بينهما من مناسبة السترة الواحدة؛ وذلك أن البستان إذا كبرت أشجارها وتقاربت أغصانها والتفت بعضها ببعض صارت كأنها سترة واحدة.
قوله: (لما فيها من الجنان) تعليل للتسمية، يعني سميت دار الثواب بالجنة وإن كانت مشتملة على أنواع من النعم سوى الأشجار المتكاثفة لكثرة جنانها، كما أن دار العقاب سميت بالنار لكونها أعظم أنواع العقاب، أو روعيت في هذه التسمية تلك السترة الواحدة أيضاً، فإن دار الثواب سميت بالجنة التي هي المرة من مصدر "جَنَّه" لجنانها المتلاصقة المتباينة من غير فرج، فصيرت كأنها سترة واحدة.
قوله: (على نهج الأسماء الغالبة) وذلك: أن الجنة كانت تطلق على كل بستان متكاثفٍ


الصفحة التالية
Icon