والمراد بتطهير الأزواج: أن طهرن مما يختص بالنساء من الحيض والاستحاضة، وما لا يختص بهنّ من الأقذار والأدناس. ويجوز لمجيئه مطلقاً: أن يدخل تحته الطهر من دنس الطباع وطبع الأخلاق الذي عليه نساء الدنيا، مما يكتسبن بأنفسهنّ، ومما يأخذنه من أعراق السوء والمناصب الرديئة والمناشئ المفسدة، ومن سائر عيوبهنّ ومثالبهنّ وخبثهنّ وكيدهنّ. فإن قلت:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنا أبو النجم وشِعري شعري
قال القاضي: والأول أظهر لمحافظته على عموم (كُلَّمَا)، فإنه يدل على ترديدهم هذا القول كل مرة رزقوا، فلا يصح في الوجه الثاني هذا القول إذا أتوا به أول مرة، ولأن الداعي لهم إلى ذلك فرط استغرابهم، وتبجحهم بما وجدوا من التفاوت العظيم في اللذة والتشابه البليغ في الصورة.
وقلت: ويفوت أيضاً على الثاني غرض الاستئناس وفائدة الاستئناف، وقد مر أن موقع "كلما" إما صفة جناتٍ، أو جملةٌ مستأنفة كما قدره: "أثمار الجنات أشباه ثمار الدنيا أم أجناس أخر"، ومن المقرر في علم المعاني حسن موقع الاستئناف في الكلام، وإنما يظهر حسنه على الوجه الأول لانقطاعه لفظاً.
قوله: (أعراق السوء)، الأساس: فلان معرقٌ له في الكرم أو اللؤم وهو عريق فيه، وتداركته أعراق صدق أو سوء.
قوله: (والمناصب)، الأساس: ومن المجاز: هو يرجع إلى منصب صدق ونصاب صدق، وهو أصله الذي نصب به وركب فيه، ومنه نصاب السكين؛ لأنها رُكِّبَت فيه.