..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال القاضي: والخلد والخلود في الأصل: الثبات المديد دام أم لم يدم، ولذلك قيل للأثافي والأحجار: خوالد، ولو كان وضعه للدوام كان التقييد بالتأبيد في قوله: (خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) [النساء: ٥٧] لغواً، واستعماله حيث لا دوام كقولهم: وقف مخلد، يوجب اشتراكاً أو مجازاً.
فإن قيل: الأبدان مركبة من أجزاء متضادة الكيفية للاستحالات المؤدية إلى الانفكاك والانحلال، فكيف يعقل خلودها؟
قلنا: إنه تعالى وتعظم يعيدها بحيث لا يعتورها الاستحالة، بل يجعل أجزاءها متفاوتة في الكيفية متساوية في القوة لا يقوى شيء منها على إحالة الآخر، متعانقة متلازمة لا ينفك بعضها عن شيء كما يشاهد في بعض المعادن. هذا وإن قياس ذلك العالم على ما نجده ونشاهده، من نقص العقل وضعف البصيرة.
وقد ذكر الراغب نحواً من هذا، ثم قال: ليس لهذا القول وجه إلا التوقيف ولا مدخل للاجتهاد فيه، والذي يستبعده المتفلسفون هو أنهم يريدون أن يتصوروا أبداناً متناولة لأطعمة لا استحالة فيها ولا تغير لها، ولا يكون منها فضولات، وتصور ذلك محال. وذلك أن التصور هو إدراك الوهم ما أدركه الحس، وما لا يدرك الحس جزءه ولا كله كيف يمكنه تصوره؟ ولو كان للإنسان سبيل إلى تصور ذلك لما قال تعالى: (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) [السجدة: ١٧]، وما قال رسول الله ﷺ مخبراً عن الله تعالى: "أعددت