وأنّ الكفار الذين غلبهم الجهل على عقولهم، وغصبهم على بصائرهم فلا يتفطنون ولا يلقون أذهانهم، أو عرفوا أنه الحق إلا أنّ حب الرياسة وهوى الألف والعادة لا يخليهم أن ينصفوا، فإذا سمعوه عاندوا. وكابروا وقضوا عليه بالبطلان، وقابلوه بالإنكار، وأنّ ذلك سبب زيادة هدى المؤمنين،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأما التفريق فقوله: تعالى: (يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا) حيث بين لكل من الفريقين مآل أمره من الضلال والهدى، وهو المراد بقوله: "وأن ذلك سبب زيادة هدى للمؤمنين" وبقوله: "وانهماك الفاسقين في غيهم وضلالهم".
وأما التذييل فقوله: (وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ* الَّذِينَ يَنْقُضُونَ) فخص الضلال بهم على الحصر ليختص الهداية بالمؤمنين لتقابلهما، والله أعلم.
قوله: (على بصائرهم) بدل اشتمال من الضمير المنصوب في "غصبهم" كقولك: سلب زيد ثوبه، الأساس: غصب على عقله.
الصحاح: الغصب: أخذ الشيء ظلماً، تقول: غصبه منه وغصبه عليه.
والفاء في قوله: "فلا يتفطنون" مسببة عن "غلبهم الجهل" وقوله: "أو عرفوا" متفرع على ما سبق أن المنكرين طائفتان: جاهل ومعاند المشار إليه بقوله: "إنما استنكره الجهلة والسفهاء وأهل العناد والمراد من الكفار". والفاء في "فإذا سمعوه" مثلها في "فلا يتفطنون" مسببة عن قوله: "أو عرفوا أنه الحق" وهو عطف على "غلبهم الجهل" داخل في حيز صلة الموصول الذي هو صفة لاسم "إن"، وهما في الظاهر خبران لـ"إن"، والفاء تدخل في خبر الاسم الموصوف بالموصول المتضمن للشرط. وأن لا يمنع من ذلك على مذهب