إلى المرسل إليه، وقع في حد البعد، كما تقول لصاحبك وقد أعطيته شيئا: احتفظ بذلك.
وقيل معناه: ذلك الكتاب الذي وعدوا به. فإن قلت: لم ذكر اسم الإشارة - والمشار إليه مؤنث وهو السورة؟ قلت: لا أخلو من أن أجعل الكتاب خبره أو صفته. فإن جعلته خبره، كان ذلك في معناه ومسماه مسماه، فجاز إجراء حكمه عليه في التذكير، كما أجرى عليه في التأنيث في قولهم: من كانت أمّك. وإن جعلته صفته، فإنما أشير به إلى الكتاب صريحاً لأنّ اسم الإشارة مشار به إلى الجنس الواقع صفة له. تقول: هند ذلك الإنسان، أو ذلك الشخص فعل كذا.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الإمام: إن الفواتح وإن كانت حاضرة نظرا إلى صورتها؛ لكنها غائبة نظرا إلى أسرارها وحقائقها، أو لكونها يعسر على البشر الإطلاع عليها كأنها غائبة.
قوله: (احتفظ بذلك)، الأساس: إحتفظ بالشئ، وتحفظ به: عني بحفظه. وإحتفظ بما أعطيتك؛ فإن له شأنا.
قوله: (كان ذلك في معناه ومسماه مسماه، فجاز إجراء حكمه عليه)، قال ابن جني: حكى الأصمعي عن أبي عمرو قال: سمعت رجلاً من اليمن يقول: فلان لعوب، جاءته كتابي فاحتقرته. فقل: أتقول: جاءته كتابي؟ فقال: أليس بصحيفة!
وفي "حواشي" المصنف: هذا كقوله في الشمس: (هَذَا رَبِّي) لكونه الخبر مذكرا؛ ذكر المبتدأ، وهو قياس مطرد في كل ضمير يقع بين مبتدأ وخبر مختلفين في التذكير والتأنيث.