وقرأ عبد اللَّه: (الم* تنزيل الكتاب لا ريب فيه. وتأليف هذا ظاهر. والريب: مصدر رابنى، إذا حصل فيك الريبة. وحقيقة الريبة: قلق النفس واضطرابها، ومنه: ما روى الحسن بن على قال: سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الشك ريبة، وإنّ الصدق طمأنينة» أى فإن كون الأمر مشكوكا فيه مما تقلق له النفس ولا تستقرّ. وكونه صحيحا صادقا مما تطمئن له
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وتأليف هذا ظاهر)، يعنى (الم) على أنها اسم للسورة مبتدأ، خبره: ((تنزيل الكتاب)). و ((تنزيل)) بمعنى المنزل، ويجوز أن يكون (الم) خبر مبتدأ محذوف و ((تنزيل الكتاب لا ريب فيه)) مبتدأ وخبر. وعلى أنها تعديد الحروف ارتفع ((تنزيل الكتاب)) على أنه خبر مبتدأ محذوف، أو هو مبتدأ خبره ((لا ريب فيه)).
قوله: (دع ما يريبك)، والحديث من رواية الترمذي والنسائي: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، والكذب ريبة)). المعنى: دع ما اعترض لك الشك فيه منقلبا إلى ما لا شك فيه، يقال: دع ذلك إلى ذلك، أي: استبدله به، أو دع ذلك ذاهبا إلى غيره، وقوله: ((إن الصدق طمأنينة والكذب ريبة))، جاء ممهدا لما تقدمه.
المعنى: إذا وجدت نفسك ترتاب في الشيء فاتركه؛ فإن نفس المؤمن تطمئن إلى الصدق، وترتاب من الكذب. فارتيابك في الشيء مبني على كونه باطلا؛ فاحذره، واطمئنانك إلى الشيء مشعر بكونه حقا، فاستمسك به. وهذا مخصوص بذوي النفوس الشريفة القدسية الطاهرة من أوضار الذنوب، وأوساخ الآثام. فظهر أن قوله: ((إن الشك ريبة)) لا يستقيم رواية ولا دراية.