كمهتدٍ؛ ولأن "اهتدى" مطلوع "هدى"، ولن يكون المطاوع في خلاف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا وإن الواجب توخي الجمع بين القولين، ورفع الحاجز بين البحرين بتحقيق معنى الهدى: أهي حقيقة في الدلالة المطلقة مجاز في الدلالة المخصوصة أو عكسه؟ أم هي مشتركة بينهما؟ أم موضوعة للقدر المشترك وهو البيان.
روينا في "صحيح الإمام محمد بن إسماعيل البخاري": فهنديناهم: دللناهم على الخير الشر، كقوله: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد: ١٠] وكقوله: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ) [الإنسان: ٣] والهدى الذي للإرشاد بمعنى أصعدناه؛ من ذلك قوله تعالى: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ) [الأنعام: ٩٠].
وقال الزجاج والواحدي: معناه البيان.
وقال الجوهري: الهدى: الرشاد والدلالة.
وقال صاحب "المطلع": معنى الهداية في اللغة: الدلالة، يقال: هداه في الدين يهديه هداية، إذا دله على الطريق.
والهدى يذكر لحقيقة الإرشاد أيضًا؛ ولهذا جاز النفي والإثبات، قال تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) [القصص: ٥٦]، وقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [الشورى: ٥٢].
وفي كلام المصنف إشعار بأن الهدى حقيقة في الدلالة الموصلة إلى البغية، مجاز في مجرد الدلالة وذلك قوله في "حم" السجدة. "أليس معنى "هديته": حصلت فيه الهدى؟ والدليل عليه قولك: هديته فاهتدى، بمعنى تحصيل البغية، فكيف ساغ استعماله في الدلالة المجردة؟