في تسمية كثير من الأسماء التي لا يقدح إشكال في اسميتها كالظروف وغيرها بالحروف، ومستعملين الحرف في معنى الكلمة، وذلك أن قولك: ((ألف)) دلالته على أوسط حروف ((قال)) و ((قام)) دلالة ((فرس)) على الحيوان المخصوص، لا فضل فيما يرجع إلى التسمية بين الدلالتين.
ألا ترى أنّ الحرف: ما دلّ على معنى في غيره، وهذا كما ترى دال على معنى في نفسه ولأنها متصرف فيها
بالإمالة كقولك: ((با))، ((تا)). وبالتفخيم كقولك: ((يا))، ((ها)). وبالتعريف، والتنكير، والجمع والتصغير، والوصف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كالظروف)، يعني نحو قبل وبعد، ويعدون ((إذا)) و ((متى)) من حروف الشرط؛ لأنهم لما رأوا أن بعض الأسماء بمنزلة الحروف في كونها لا تتم في الاستعمال إلا بانضمام شيءٍ معها، استعاروا لها اسم الحرف.
قوله: (ومستعملين الحرف في معنى الكلمة)، روينا عن الترمذي والدارمي عن ابن مسعودٍ: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((من قرأ حرفاً من كتاب الله فله مائة حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول: (الم) حرف، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ)).
قال القاضي: المراد به غير المعنى الذي اصطلح عليه- وهو المعنى اللغوي- فإن تخصيصه به عزفٌ مجددٌ، ولعله سماه باسم مدلوله.
قوله: (وذلك أن قولك ألف)، هذا شروعٌ في البرهان الذي استوضح منه اسمية هذه الألفاظ. أتى بحد الاسم وخواصه من التعريف والتنكير والتصغير.