(وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَاتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ * وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ) ١٢٣ ـ ١٢٧]
أمرهم بألا يتوكلوا إلا عليه، ولا يفوّضوا أمورهم إلا إليه، ثم ذكرهم ما يوجب عليهم التوكل مما يسر لهم من الفتح يوم بدر وهم في حالة قلة وذلة. والأذلة: جمع قلة والذُّلان: جمع الكثرة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ثم ذكرهم ما يوجب عليهم التوكل): عطف على قوله: "أمرهم بأن لا يتوكلوا إلا عليه"، وفيه إشارة إلى بيان النظم، فإن قوله: (وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ) تذييل للكلام السابق وتعريض بما صدر عن بعضهم من الفشل والخور؛ لأن قوله: (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ) الآية تذكير للأصحاب قلة صبرهم ومخالفة أمر رسولهم وتركهم المركز، وهو متصل بقوله: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) بدليل قوله في قصة بدر: (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَاتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ) يعني: عليكم بالصبر والتقوى، واذكروا ما جرى عليكم يوم أحد حين عدمتم الصبر والتقوى، وما منحتم يوم بدر حين صبرتم واتقيتم الله من الظفر والنصرة، هذا هو المراد من قوله: "ذكرهم ما يوجب عليهم التوكل".
قوله: (والأذلة: جمع قلة)، قال الزجاج: الأذلة: جمع ذليل، والأصل في فعيل إذا كان صفة أن يجمع على فعلاء، نحو ظريف وظرفاء وشريك وشركاء، لكن فعلاء اجتنبت في التضعيف، فلو قيل: في جليل وقليل، جللاء وقللاء، لاجتمع حرفان من جنس واحد، فعدل به إلى أفعلة، نحو: جريب وأجربة، وقفيز وأقفزة.


الصفحة التالية
Icon