(إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ) معناه: أنّ الإلهية تنافي خلف الميعاد، كقولك: إن الجواد لا يخيب سائله، والميعاد: الموعد.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَابِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١) قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢))
قرأ علي رضي اللَّه عنه: (لن تغني) بسكون الياء، وهذا من الجدّ في استثقال الحركة على حروف اللين.
(مِنَ) في قوله: (مِنَ اللَّهِ) مثله في قوله: (وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) [النجم: ٢٨]. والمعنى: لن تغني عنهم من رحمة اللَّه أو من طاعة اللَّه (شَيْئاً)، أي: بدل رحمته وطاعته وبدل الحق. ومنه (ولا ينفع ذا الجدّ منك الجدّ)....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أن الإلهية تنافي خلف الميعاد) يريد أن هذه الخاتمة تذييل لما سبق، وكان مقتضى الظاهر أن يقال: "إنك لا تخلف الميعاد"، ثم إن ربنا لا يخلف الميعاد، فوضع المظهر موضع المضمر من غير لفظه السابق، وخص باسم الذات، وجعله محكوماً عليه، وجعل عدم خلف الميعاد محكوماً به ليكون من باب الإشعار بالعلية، ولهذا مثل بقوله: إن الجواد لا يخيب سائله.
قوله: (ومنه: "ولا ينفع ذا الجد منك الجد")، روينا عن مسلم وأبي داود والنسائي، عن أبي سعيد قال: كان رسول الله ﷺ إذا رفع رأسه من الركوع قال: "اللهم لك الحمد ملء السموات والأرض، وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد". النهاية: الجد: الحظ والسعادة والغنى، أي: لا ينفع ذا الغنى منك غناه، وإنما ينفعه الإيمان والطاعة.


الصفحة التالية
Icon