(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا) هم مشركو مكة، (سَتُغْلَبُونَ)، يعني: يوم بدر وقيل: هم اليهود. ولما غلب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يوم بدر قالوا: هذا واللَّه النبيّ الأميّ الذي بشرنا به موسى، وهموا باتباعه، فقال بعضهم: لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة أخرى، فلما كان يوم أحد شكوا. وقيل: جمعهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم بعد وقعة بدر في سوق بني قينقاع. فقال: يا معشر اليهود! احذروا مثل ما نزل بقريش، وأسلموا قبل أن ينزل بكم ما نزل بهم، فقد عرفتم أنى نبي مرسل. فقالوا: لا يغرّنك أنك لقيت قوماً أغماراً لا علم لهم بالحرب، فأصبت منهم فرصة، لئن قاتلتنا لعلمت أنا نحن الناس، فنزلت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أوله بقوله: كدأب أبيك، يريد كظلم أبيك أولاً، وبقوله: إن فلاناً لمحارف، كدأب أبيه، يريد: كما حورف أبوه ثانياً، والوجه هو الأول وعليه النظم.
قال الإمام: معنى الآية أنه: كما نزل بمن تقدم العذاب المعجل بالاستئصال، فكذلك ينزل بكم أيها الكفار بمحمد ﷺ ذلك من القتل والسبي وسلب الأموال، ويكون قوله تعالى: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ) الآية [آل عمران: ١٢] كالدلالة على ذلك، وكأنه تعالى بين أنه كما نزل بالقوم العذاب المعجل، ثم يصيرون إلى دوام العذاب فسينزل بمن كذب بمحمد صلوات الله عليه هذان الأمران.
قوله: (شكوا) إنما شكوا لأنهم ظنوا أن رسول الله ﷺ يظهر أمره، ولا ينقطع عن قريب، فقالوا: لو كان هو النبي الأمي المبشر به لظهر أمره، ولما انقطع عن قريب، ولم يعلموا أن الله تعالى سينصره ويظهر دينه، ولما علموا وتيقنوا عاندوا.
قوله: (فنزلت) يعني قوله: (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ)، الفاء في فنزلت متعلق بالروايتين المختصتين باليهود، وتقريره على الرواية الأولى، وهي قوله: فلما كان يوم أحد