ولذلك وصف ضعفهم بالقلة؛ لأنه قليل بالإضافة إلى عشرة الأضعاف، وكان الكافرون ثلاثة أمثالهم، وقراءة نافع لا تساعد عليه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المشركون المسلمين"، وعلى هذا لا يرد السؤال، لكن قراءة نافع لا تساعد عليه، إذ لا يستقيم أن يكون المعنى: ترون أيها المسلمون المشركين مثليهم، لأن المقدر: مثلي المسلمين، إلا أن يكون التفاتاً.
الانتصاف: الخطاب على قراءة نافع للمسلمين، أي: ترونهم يا مسلمون، ويكون الضمير في (مِثْلَيْهِمْ) أيضاً للمسلمين، وهو لفظ غيبة، والمعنى: ترون أيها المسلمون المشركين مثليهم، أي: مثليكم، وفيه التفات في جملة واحدة، وهو وإن كان فصيحاً لكن غالب ما يأتي في جملتين، وها هنا (مِثْلَيْهِمْ) مفعول لـ (تَرَوْنَهُمْ)، وهو كما لو قلت: أظنك يقوم، بالياء للغيبة، ولم يكن بذلك إلا أنه لازم على أحد وجهيه المقدمين، فإن قراءة نافع تقديرها: ترون يا مشركون المسلمين مثلي عددهم أو مثلي فئتكم الكافرة، فعلى الثاني يلزم الخروج من الخطاب إلى الغيبة في جملة واحدة.
قوله: (ولذلك وصف ضعفهم) أي: لما قرر من مقاومة الواحد الاثنين بعدما كلفوا مقاومة الواحد العشرة، وصف ضعف المشركين بالقلة؛ لأن الضعف قليل بالإضافة على عشرة الأضعاف، يريد في سورة الأنفال في قوله: (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذْ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً) [الأنفال: ٤٤].
قوله: (إلى عشرة الأضعاف) قيل: عرفه؛ لأن المراد المعهود في قوله: (يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ) [الأنفال: ٦٦]، ولو قال: تسعة الأضعاف، لكان أحسن؛ لأن العشرة تسعة أضعاف الواحد، لأن ضعف الواحد اثنان، وضعفا الواحد ثلاثة.


الصفحة التالية
Icon