ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أولها: "إن خفتم ترك العدل في حقوق اليتامى فتحرجتم منها، فخافوا أيضاً ترك العدل بين النساء، فقللوا عدد المنكوحات".
وثانيها: "إن خفتم الجور في حق اليتامى فخافوا [الزنى]، فانكحوا ما حل لكم من النساء، ولا تحوموا حول المحرمات".
وثالثها: "إن خفتم ألا تقسطوا في يتامى النساء فانكحوا من غيرهن ما طاب لكم".
قال صاحب "الانتصاف": هذا أظهر، والآية معه مكملة لبيان حكم اليتامى، وأمر بالاحتياط وأن في غيرهن متسعاً، ويؤيده (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ) الآية [النساء: ١٢٧] فتتطابق الآيتان، وعلى التأويلين لا يطابقان. ولأن الشرط لا يرتبط معهما بالجواب إلا من وجه عام، أما الأول فلأن الجور على النساء في الحرمة كالجور على اليتامى، وأما الثاني فلأن الزنى محرم كما أن الجور على اليتامى محرم، وكم من محرم يشاركهما في التحريم، فلا خصوصية تربط الجواب كخصوصية الثالث، فإن ظاهر قوله: (مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) أنه توسعة عليهم، كأنه قيل: إن خفتم نكاح اليتامى ففي غيرهن متسع، وعلى الأول هو تضييق، كأنه قيل: إن خفتم من الجور في اليتامى فخافوا الجور في النساء، واحتاطوا في عدد النمكوحات؛ فينافي التوسعة، ووجه الإشعار بالتوسعة إطلاق (مَا طَابَ)، ثم مجيء قوله: (مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ) بياناً لما وقع إطلاقه، فلو أريد التضييق لكانت البداية بالتقييد أنسب، ولما خاف في التوسعة الميل قيل: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً).
قلت: هذا تقرير لا مزيد عليه، ولهذا أتى بقوله: (مِنْ النِّسَاءِ)، فإن قلت: فما فائدة ذكر (مِنْ النِّسَاءِ) في هذه الآية وفي قوله تعالى: (وَلا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ) [النساء: ٢٢] فإن النكاح إنما يقع على النساء؟ قلت: هو من باب ترتيب الحكم على الوصف المناسب ترغيباً وتحذيراً؛ ومن ثم أوثر بالوصف على من