ومنه قوله تعالى: (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) [المؤمنون: ٦]. (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) معدولة عن أعدادٍ مكرَّرة، وإنما مُنِعَتِ الصَّرف؛ لما فيها من العدلين: عَدْلِها عن صِيَغِها، وعَدْلِها عن تكرُّرِها، وهي نَكِراتٌ يُعرّفن بلام التعريف. تقول: فلان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بغير ذلك لينتفي ذلك الحرج، وتطيب به نفوسكم، فأسند (طَابَ) إلى الضمير الراجح إلى (مَا) المفسر بـ (النِّسَاءَ)، وهذا التفسير وتفسير المصنف يدوران مع تأويله قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) [البقرة: ١٧٢] لما أريد بالطيبات المستلذات تارة والحلال أخرى، والأول أرجح لاقتضاء المقام، ولما أن الأمر بالنكاح لا يكون إلا في الحلال فوجب الحمل على شيء آخر.
قوله: (أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ) [النساء: ٣] ويروى: "أيمانهم"، وجاء في سورة "قد أفلح": (أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ) [المؤمنون: ٦]، قال: لم يقل: من ملكت؛ لأنه أريد من جنس العقلاء ما يجري مجرى غير العقلاء وهم الإناث، فعلى هذا فيه تحقير لشأنهن، وهو على خلاف ما أجري له الكلام.
قوله: (عدلها عن صيغها، وعدلها عن تكررها). قال الزجاج: إنه معدول عن التكرير، وعن التأنيث.
وقال أبو البقاء: إنها نكرات لا تنصرف للعدل والوصف، وهي بدل من (مَا)، وقيل: حال من (النِّسَاءِ) ".
وقال القاضي: إنها غير مصروفة للعدل والصفة؛ فإنها بنيت صفات، وإن كانت أصولها لم تبن لها، وقد استقصينا البحث فيه في "فاطر".