فأينما وجدتم العدل فعليكم به. وقرئ (فَواحِدَةً) بالرفع على: فالمقنع واحدة، أو فكفت واحدة، أو فحسبكم واحدة (أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) سوّى في السهولة واليسر بين الحرة الواحدة وبين الإماء، من غير حصر ولا توقيت عدد، ولعمري أنهنّ أقل تبعة، وأقصر شغبا، وأخف مؤنة من المهائر، لا عليك أكثرت منهن أم أقللت، عدلت بينهن في القسم أم لم تعدل، عزلت عنهن أم لم تعزل. وقرأ ابن أبى عبلة:
من ملكت (ذلِكَ) إشارة إلى اختيار الواحدة والتسرى (أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا) أقرب من أن لا تميلوا، من قولهم:
عال الميزان عولا، إذا مال. وميزان فلان عائل، وعال الحاكم في حكمه إذا جار. وروى أن أعرابيًا حكم عليه حاكم فقال له: أتعول علىّ؟ وقد روت عائشة رضي اللَّه عنها عن رسول الله صلى اللَّه عليه وسلم: «ألا تعولوا: أن لا تجوروا» والذي يحكى عن الشافعي رحمه اللَّه أنه فسر (أَلَّا تَعُولُوا) أن لا يكثر عيالكم، فوجهه: أن يجعل من قولك: عال الرجل عياله يعولهم، كقولهم: مانهم يمونهم، إذا أنفق عليهم؛ لأنّ من كثر عياله لزمه أن يعولهم، وفي ذلك ما يصعب عليه المحافظة على حدود الكسب وحدود الورع وكسب الحلال والرزق الطيب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (فأينما وجدتم العدل فعليكم به)، هذا تورية إلى مذهبه الذي سماه العدل.
قوله: (شغباً)، الجوهري: الشغب بالتسكين: تهييج الشر، ولا يقال: شغب. وشغبت عليهم، بالكسر، أشغب شغباً: لغة ضعيفة فيه.
قوله: (من المهائر): هي الحرائر، واحدتها: المهيرة، وهي الكثيرة المهر، الأساس: أمهر المرأة أعطاها المهر، وله مهائر وسراري.
قوله: (ما يصعب عليه)، قيل: "عليه": حال من فاعل "المحافظة"، أي: محافظة الشخص


الصفحة التالية
Icon