فكان التسري مظنة لقلة الولد بالإضافة إلى التزوّج، كتزوّج الواحدة بالإضافة إلى تزوج الأربع. وقرأ طاووس: (أن لا تعيلوا)، من أعال الرجل: إذا كثر عياله. وهذه القراءة تعضد تفسير الشافعي رحمه اللَّه من حيث المعنى الذي قصده.
(وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) ٤].
(صَدُقاتِهِنَّ): مهورهن، وفي حديث شريح: قضى ابن عباس لها بالصدقة. وقرئ: (صَدُقاتِهِنَّ) بفتح الصاد وسكون الدال على تخفيف (صَدُقَاتِهِنَّ). وصدقاتهن بضم الصاد وسكون الدال جمع صدقة بوزن غرفة. وقرئ: (صدقتهن)، بضم الصاد والدال على التوحيد، وهو تثقيل صدقة، كقولك في ظلمة: ظلمة (نِحْلَةً) من: نحله كذا إذا أعطاه إياه ووهبه له عن طيبة من نفسه نحلة ونحلا. ومنه حديث أبي بكر رضي اللَّه عنه: إني كنت نحلتك جداد عشرين وسقاً
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (نحلتك جداد عشرين وسقاً). المغرب: الجد في الأصل: القطع، ومنه جد النخل: صرمه، أي: قطع ثمره جداداً فهو جاد، وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه نحل عائشة جداد عشرين وسقاً، والسماع: جاد عشرين، وكلاهما مؤول، إلا أن الأول نظير قولهم: هذه الدراهم ضرب الأمير، والثاني: نظير (عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ) [الحاقة: ٢١]. والمعنى: أنه أعطاها نخلاً يجد منه مقدار عشرين وسقاً من التمر.
وقلت: وفي "الجامع": عن مالك في "الموطأ"، قالت عائشة رضي الله عنها: نحلني أبو بكر جاد عشرين وسقاً من مال الغابة، فملا حضرته الوفاة، قال: والله يا بنية، ما من الناس أحب إلي غنى منك بعدي، ولا أعز علي فقراً بعدي منك، وغني كنت نحلتك جاد عشرين، ولو كنت جددته واحترزته لكان لك، وغنما هو اليوم مال الوارث. الحديث.