منهم في شيء مما ساق إلى امرأته، فقال اللَّه تعالى: إن طابت نفس واحدة من غير إكراه ولا خديعة؛ فكلوه سائغًا هنيئًا.
وفي الآية دليل على ضيق المسلك في ذلك، ووجوب الاحتياط، حيث بني الشرط على طيب النفس فقيل: (فَإِن طِبنَ)، ولم يقل: فإن وهبن، أو سمحن؛ إعلامًا بأنّ المراعى هو تجافى نفسها عن الموهوب طيبة. وقيل: (فَإِن طِبنَ لَكُمْ عَن شَيءٍ مِنْهُ)، ولم يقل: فإن طبن لكم عنها، بعثًا لهنَّ على تقليل الموهوب. وعن الليث بن سعد: لا يجوز تبرعها إلا باليسير. وعن الأوزاعي: لا يجوز تبرعها ما لم تلد أو تقم في بيت زوجها سنة.
ويجوز أن يكون تذكير الضمير لينصرف إلى الصداق الواحد؛ فيكون متناولًا بعضه، ولو أنث لتناول ظاهره هبة الصداق كله؛ لأنّ بعض الصدقات واحدة منها فصاعدًا. الهنيء، والمريء: صفتان من هنؤ الطعام ومرؤ: إذا كان سائغاً لا تنغيص فيه. وقيل: الهنيء: ما يلذه الآكل. والمريء ما يحمد عاقبته.
وقيل هو ما ينساغ في.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (بعثاً لهن على تقليل الموهوب) لدلالة (شَيْءٍ) منكراً تنكير تقليل عليه.
قوله: (ويجوز أن يكون تذكير الضمير) يحتمل أن يكون معطوفاً على قوله: "يرجع إلى ما هو في معنى الصدقات، وهو الصداق"، والمراد به على ذلك الوجه: جنس الصداق من حيث هو هو، وعلى هذا: المراد: البعض الشائع المتناول لكل بعضن ولو أنث الضمير بقي الجنس على إطلاقه فتناول ظاهره الصداق كله، ويظهر بهذا التأويل إرادة البعث على تقليل الموهوب؛ وذلك أن الضمير إذا رجع إلى الصداق الواحد فشيء منه قليل، ولا كذلك إذا رجع إلى الجنس؛ لأن شيئاً من الجنس يحتمل كل الصداق، قال أبو البقاء: (فَكُلُوهُ)، الهاء تعود على (شَيْءٍ)، وفي (مِنْهُ) على المال؛ لأن الصدقات مال.
قوله: (لأن بعض الصدقات) هو تعليل قوله: "لتناول ظاهره".
قوله: (والمريء: ما يحمد عاقبته). قال الزجاج: يقال مع هناني: مراني، فإذا لم تذكر