ترك امرأته أم كجة وثلاث بنات، فزوي ابنا عمه سويد وعرفطة أو قتادة وعرفجة ميراثه عنهنّ، وكان أهل الجاهلية لا يورّثون النساء والأطفال، ويقولون: لا يرث إلا من طاعن بالرماح وذاد عن الحوزة وحاز الغنيمة، فجاءت أم كجة إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في مسجد الفضيخ فشكت إليه فقال: «ارجعي حتى أنظر ما يحدث اللَّه " فنزلت، فبعث إليهما «لا تفرّقا من مال أوس شيئًا فإنّ اللَّه قد جعل لهنّ نصيبا) ولم يبين حتى تبين فنزل (يُوصِيكُمُ اللَّهُ) [النساء: ١١] فأعطى أم كجة الثمن، والبنات الثلثين، والباقي ابني العم.
(وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ) أي: قسمة التركة، (أُولُوا الْقُرْبى): ممن لا يرث (فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) الضمير لما ترك الوالدان والأقربون، وهو أمر على الندب قال الحسن: كان المؤمنون يفعلون ذلك، إذا اجتمعت الورثة حضرهم هؤلاء فرضخوا لهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وكان أهل الجاهلية لا يورثون) إلى آخره. لما أراد الله تعالى إبطال هذا الحكم، وقمع هذه الهناة؛ أعاد قوله تعالى: (وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ) [النساء: ٧] فترك الاختصار حيث عدل من قوله: "وللأولاد نصيب" فأذن باستقلال كل من الرجال والنساء في حوز الميراث، وأن لا تفاوت بينهما فيه، ثم أكد ذلك بقوله: (نَصِيباً مَفْرُوضاً)، أي: قسمة مفروضة مقطوعة لابد لهم من أن يحوزوه.
قوله: (وذاد عن الحوزة). الجوهري: الحوزة: الناحية، وحوزة الملك: بيضته. النهاية: في الحديث: "بيضتهم"، أي: مجتمعهم، وموضع سلطانهم، ومستقر دعوتهم، وبيضة الدار: وسطها ومعظمها.
قوله: (فرضخوا لهم). النهاية: الرضخ: العطية القليلة، والفاء فيه عاطفة، والمعطوف عليه "حضرهم"، وهو جواب "إذا".


الصفحة التالية
Icon