خلصا تقاسما الميراث: للذكر مثل حظ الأنثيين. فإن قلت: ما العلة في أن كان لها ثلث ما بقي دون ثلث المال؟ قلت: فيه وجهان: أحدهما أنّ الزوج إنما استحق ما يسهم له بحق العقد لا بالقرابة، فأشبه الوصية في قسمة ما وراءه. والثاني: أن الأب أقوى في الإرث من الأم، بدليل أنه يضعف عليها إذا خلصا ويكون صاحب فرض وعصبة، وجامعًا بين الأمرين، فلو ضرب لها الثلث كَمَلا لأدى إلى حط نصيبه عن نصيبها.
ألا ترى أن امرأة لو تركت زوجا وأبوين فصار للزوج النصف وللأم الثلث والباقي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال الإمام الرافعي: إن الشيخ أبا حاتم القزويني لما حكى مذهب ابن عباس في زوج وأبوين، وهو أن للأم الثلث كاملاً؛ قال: وبه قال شيخنا، يعني أبا الحسين ابن اللبان.
قوله: (ألا ترى أن امرأة لو تركت زوجاً وأبوين)، قال الزجاج: فلما أعلمنا الله تعالى أن للأم الثلث علمنا أن للأب الثلثين، فلما دخل عليهما داخل وأخذ نصف المال؛ دخل النقص عليهما جميعاً، وأيضاً إنه تعالى قال: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ) [النساء: ١١] وها هنا لم يرثه أبواه فقط، وورثه معهما الغير، فرجع ميراث الأم إلى ثلث ما يبقى.
قوله: (فطار للزوج)، صح بالطاء غير المعجمة، أي: أعطي نصيبه من غير نزاع ولا افتقار إلى فكر وروية، ويفهم منه أن نصيب الأبوين محتاج فيه إلى نظر واستدلال؛