(والله بَصِيرٌ بالعباد) يثيب ويعاقب على الاستحقاق، أو بصير بالذين اتقوا وبأحوالهم؛ فلذلك أعدّ لهم الجنات.
(الذين يَقُولُونَ) نصب على المدح، أو رفع، ويجوز الجرّ صفة للمتقين، أو للعباد، والواو المتوسطة بين الصفات للدلالة على كمالهم في كل واحدة منها، وقد مرّ الكلام في ذلك، وخص الأسحار؛ لأنهم كانوا يقدّمون قيام الليل،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو بصير بالذين اتقوا وبأحوالهم، فلذلك أعد لهم الجنات)، يعني العباد، مظهر أقيم موضع المضمر لتلك العلة، ويمكن أن يقال: والله بصير بالعباد المتقين وبما يصلحهم ويرديهم، وأن إيثار الآخرة على الدنيا وزينتها خير لهم، فلذلك أنبأهم بما هو خير لهم، والأنسب أن يجعل قوله: (الَّذِينَ يَقُولُونَ) الآية وارداً على المدح تربية لمعنى وضع المظهر موضع المضمر، ويعضد هذا الوجه ما رويناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحب الله عبداً حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء"، أخرجه الترمذي عن قتادة.
وعن البخاري ومسلم، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا وزينتها" الحديث.
وإنما خص الماء في الحديث الأول بالذكر تشبيهاً لطالب الدنيا بالمستسقي.
قوله: (وقد مر الكلام في هذا) أي: في أول البقرة عند قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ).


الصفحة التالية
Icon