(غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ) بالإضافة (وَاللَّهُ عَلِيمٌ) بمن جار أو عدل في وصيته (حَلِيمٌ) عن الجائر لا يعاجله، وهذا وعيد. فإن قلت: في: (يُوصي) ضمير الرجل إذا جعلته الموروث، فكيف تعمل إذا جعلته الوارث؟ قلت: كما عملت في قوله تعالى: (فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ) [النساء: ١١]؛ لأنه علم أن التارك والموصي هو الميت. فإن قلت: فأين ذو الحال فيمن قرأ (يُوصَى بِهَا) على ما لم يسم فاعله؟ قلت: يضمر يوصي فينتصب عن فاعله؛ لأنه لما قيل (يُوصَى بِهَا) علم أن ثم موصيا، كما قال: (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها) [النور: ٣٦] على ما لم يسمّ فاعله؛ فعلم أن ثمَّ مسبحا؛ فأضمر يسبح فكما كان (رِجَالٌ) [النور: ٣٦] فاعل ما يدل عليه (يُسَبّحُ)، كان غَيْرَ مُضَارٍّ) حالًا عما يدل عليه (يُوصَى بِهَا).
(تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قراءة الحسن: (غير مضار وصية من الله) بالإضافة من إضافة العامل إلى المعمول.
قال أبو البقاء: في قراءة الحسن: (غير مضار) وجهان، أحدهما تقديره: غير مضار أهل وصية، أو ذي وصية؛ فحذف المضاف، والثاني تقديره: غير مضار وقت وصية، فحذف، وهو من إضافة الصفة إلى الزمان، ويقرب منه قولهم: هو فارس حرب، أي: فارس في الحرب، فالتقدير: غير مضار الورثة في وقت الوصية.
قوله: (فكيف تعمل إذا جعلته الوارث؟ ) يعني: إذا جعل (يُورَثُ) من: ورث، أي: يورث فيه؛ يكون فاعل (يوصي) ضمير الموروث فيستقيم المعنى، وأما إذا جعل من أورث على بناء المفعول فلا يصح؛ لأن الموصي الموروث لا الوارث، وأجاب: أضمر فيه ضمير الموروث ولا يكون من الإضمار قبل الذكر؛ لأنه علم أن التارك والموصي هو الميت.