بمعنى واحد، كأنه قيل: حتى يميتهن الموت! قلت: يجوز أن يراد حتى يتوفاهنَّ ملائكة الموت، كقوله: (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) [النحل: ٢٨]، (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ) [النساء: ٩٧]، (قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ) [السجدة: ١١]، أو حتى يأخذهن الموت ويستوفى أرواحهن.
(وَالَّذانِ يَاتِيانِها مِنْكُمْ): يريد الزاني والزانية (فَآذُوهُما): فوبخوهما وذمّوهما وقولوا لهما: أما استحييتما، أوما خفتما اللَّه! (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا) وغيرا الحال (فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) واقطعوا التوبيخ والمذمة، فإن التوبة تمنع استحقاق الذم والعقاب. ويحتمل أن يكون خطاباً للشهود العاثرين على سرهما، ويراد بالإيذاء ذمهما وتعنيفهما وتهديدهما بالرفع إلى الإمام والحد. (فَإن تَابَا) قبل الرفع إلى الإمام (فَأَعرِضُوا عَنْهُمَا) ولا تتعرضوا لهما. وقيل: نزلت الأولى في السحاقات وهذه في اللواطين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (حتى يتوفاهن ملائكة الموت) فهو من الإسناد المجازي، كقوله: (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) [محمد: ٤] أي: أصحابها.
قوله: (أو حتى يأخذهن الموت ويستوفي أرواحهن) وعلى هذا فهو استعارة تبعية أو مكنية: جعل الموت كالشخص المتوفي، والتوفي كأخذ الرجل حقه، على التخييلية.
قوله: (ويحتمل أن يكون خطاباً للشهود) عطف على قوله: "فوبخوهما"، والمخاطبون الحكام، أو كل واحد، أي: واللذان يأتيانها منكم أيها المؤمنون فوبخوهما وذموهما، أو: واللذان يأتيانها من جنسكم ومما يتصل بكم أيها الشهود فهددوهما بالرفع إلى الحكام. وفي الكلام حذف، أي: (فَآذُوهُمَا): خطاب لكل واحد، ويحتمل أن يكون خطاباً للشهود.
قوله: (وهذه في اللواطين). قال الإمام: هذا القول اختيار أبي مسلم الأصفهاني، واحتج بأن قوله: (وَاللاَّتِي يَاتِينَ الْفَاحِشَةَ) [النساء: ١٥] إشارة إلى النسوان، وقد ذكر فيها (مِنْ نِسَائِكُمْ)، وقوله: (وَاللَّذَانِ) إشارة إلى الرجال، ومذكور فيها (مِنكُمْ)، وعلى