وكان الرجل إذا تزوّج امرأة ولم تكن من حاجته حبسها مع سوء العشرة والقهر، لتفتدي منه بمالها وتختلع، فقيل: (وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَاءَاتَيْتُمُوهُنَّ). والعضل: الحبس والتضييق. ومنه: عضَّلت المرأة بولدها، إذا اختنقت رحمها به فخرج بعضه وبقي بعضه.
(إِلَّا أَنْ يَاتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) وهي النشوز، وشكاسة الخلق، وإيذاء الزوج وأهله بالبذاء والسلاطة، أي: إلا أن يكون سوء العشرة من جهتهن فقد عذرتم في طلب الخلع. وتدل عليه قراءة أبىّ: إلا أن يفحشن عليكم. وعن الحسن: الفاحشة: الزنا، فإن فعلت حلّ لزوجها أن يسألها الخلع. وقيل: كانوا إذا أصابت امرأت فاحشة أخذ منها ما ساق إليها وأخرجها. وعن أبي قلابة ومحمد بن سيرين: لا يحل الخلع حتى يوجد رجل على بطنها. وعن قتادة: لا يحل أن يحبسها ضراراً حتى تفتدي منه، يعنى: وإن زنت. وقيل: نسخ ذلك بالحدود. وكانوا يسيئون معاشرة النساء فقيل لهم: (وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)، وهو النصفة في المبيت والنفقة، والإجمال في القول (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ) فلا تفارقوهن لكراهة الأنفس وحدها فربما كرهت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ومنه: عضلت المرأة بولدها) الراغب: العضلة: كل لحم في عصب، ورجل عضل: مكتنز اللحم، وعضلته: شددته بالعضل المتناول من الحيوان نحو عصبته، وتجوز به في كل منع شديد، قال تعالى: (فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ) [البقرة: ٢٣٢]، وعضلت الدجاجة ببيضها والمرأةب ولدها: إذا تعسر خروجهما، وداء عضال: صعب البرء، والعضلة: الداهية المنكرة.
قوله: (فربما كرهت) تفسير لقوله تعالى: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا)، وهو علة لقوله: "فلا تفارقوهن لكراهة الأنفس" وهو الجزاء، والحاصل أن قوله: (فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) وقع في التنزيل جزاء لقوله: (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ)، لكنه علة للجزاء المحذوف، المعنى: فإن