قلت: يجوز أن يكون مقدّراً؛ وهو النساء، والأجود أن لا يقدر، وكأنه قيل: أن تخرجوا أموالكم. ويجوز أن يكون (أَنْ تَبْتَغُوا) بدلًا من (وَراءَ ذلِكُمْ). والمسافح: الزاني، من السفح وهو صبّ المنىّ. وكان الفاجر يقول للفاجرة: سافحينى وماذينى من المذي (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ): فما استمتعتم به من المنكوحات من جماع أو خلوة صحيحة أو عقد عليهنّ (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) عليه، فأسقط الراجع إلى «ما» لأنه لا يلبس، كقوله: ((إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) [لقمان: ١٧] بإسقاط منه. ويجوز أن يكون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (والأجود أن لا يقدر، وكأنه قيل)، "وكأنه": عطف على "أن لا يقدر" على سبيل البيان، وإنما كان أجود لأنه إذا لم يقدر له مفعول يبقى مطلقاً معطى معنى التصرف، فيتناول إعطاء مهور الحرائر، وأثمان السراري، والإنفاق عليهن، وغير ذلك من سائر التصرفات، ويكون المعنى: بين لكم ما يحل مما يحرم إرادة أن تبتغوا بما أوليناكم من الأموال التي جعل الله لكم قياماً في معايشكم في حال الصلاح دون الفساد. وفيه مع الترغيب في الحلال والتنفير عن الحرام الإشعار بأن التمتع بالمال إنما يكون معتداً به إذا أنفق على العيال، وأن الغرض الأول منه الإنفاق عليهم. روينا عن مسلم، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دينار تنفقه في سبيل الله، ودينار تنفقه في رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار تنفقه على أهلك، أعظمها أجراً الذي تنفقه على أهلك". وعند أبي داود والنسائي، عن أبي هريرة، قال: أمر رسول الله ﷺ قوماً بالصدقة، فقال رجل: عندي دينار، قال: "تصدق به على نفسك"، قال: عندي آخر، قال: "تصدق به على ولدك"، قال: عندي آخر، قال: "تصدق به على زوجتك أو زوجك"، قالك عندي آخر، قال: "تصدق به على خادمك"، قال: عندي آخر، قال: "أنت أبصر".
قوله: (ويجوز أن يكون (أَنْ تَبْتَغُوا) بدلاً) عطف على قوله: " (أَنْ تَبْتَغُوا) مفعولٌ له".


الصفحة التالية
Icon