كأنه قال: لا إله إلا هذا الموصوف بالصفتين؛ ولذلك قرن به قوله: (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)؛ لتضمنهما معنى الوحدانية والعدل. (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ): أهل الكتاب من اليهود والنصارى، واختلافهم: أنهم تركوا الإسلام وهو التوحيد والعدل، (مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) أنه الحق الذي لا محيد عنه، فثلثت النصارى، وقالت اليهود عزير ابن اللَّه، وقالوا: كنا أحق بأن تكون النبوّة فينا من قريش، لأنهم أمّيون، ونحن أهل الكتاب، وهذا تجويز للَّه، (بَغْياً بَيْنَهُمْ) أي: ما كان ذلك الاختلاف وتظاهر هؤلاء بمذهب وهؤلاء بمذهب إلا حسداً بينهم وطلبا منهم للرياسة وحظوظ الدنيا، واستتباع كل فريق ناسا يطؤون أعقابهم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (كأنه قال: لا إله إلا هذا الموصوف بالصفتين)، يعني: أثبت التوحيد على الاختصاص له أولاً بدلالة (لَا) و (إِلَّا)، وقرن به صفة العدل لا على الاختصاص، ثم كرر كلمة التوحيد لتدل على اختصاصه بالصفتين؛ لأن الضمير المرفوع فيها راجع إلى ذلك الموصوف بالصفتين، فيحصل من رجوع الضمير تخصيص العدل أيضاً، انظر إلى هذا التعسف، والعدول عن الصراط السوي.
قوله: (فثلثت النصارى، وقالت اليهود: عزير ابن الله) بيان لتركهم التوحيد، و"قالوا: كنا أحق... " إلى آخره: بيان لتركهم العدل، وإليه الإشارة بقوله: "وهذا تجوير لله"، والمجموع بيان قوله: "تركوا الإسلام وهو التوحيد والعدل"، وفيه لف ونشر.
قوله: (يطؤون أعقابهم)، الأساس: فلان موطأ العقب: كثير الأتباع، ووشى رجل بعمار ابن ياسر إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فقال: اللهم إن كان كذباً فاجعله موطأ العقب.


الصفحة التالية
Icon