فالملك الأوّل عام شامل، والملكان الآخران خاصان بعضان من الكل. روي: أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم حين افتتح مكة وعد أمته ملك فارس والروم، فقال المنافقون واليهود: هيهات هيهات! من أين لمحمد ملك فارس والروم؟ هم أعز وأمنع من ذلك
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقوله: (مَالِكَ الْمُلْكِ) أن الملك في الحقيقة له، وما لغيره عارية مستردة، ولم يعن بإعطاء الملك: سياسة العامة فقط، بل ملك الإنسان على قواه وهواه، وقد قيل: لا يصلح لسياسة الناس من لا يصلح لسياسة نفسه، وقيل لبعضهم: من الملك؟ فقال: من ملك هواه.
قوله: (بعضان من الكل) هذا المعنى قد تكرر؛ لأن لام الجنس إذا دخلت على المفرد صلحت لأن يراد بها جميع الجنس، وأن يراد بها بعضه، بحسب القرائن، فالملك الأول مطلق شامل في جنسه؛ لأن الملك الذي تقع عليه مالكيته تعالى ليس ملكاً دون ملك، بخلاف الثاني والثالث، لأنهما حصتان من الجنس لتقييدهما بالإيتاء والنزع، ولأن المراد نزع الملك من العجم والروم وإيتاؤه المسلمين، ويحتمل الجنس، أي: أنت مالك حقيقة الملك فتتصرف فيه تصرف الملاك فتعطيه من تشاء وتنزعه ممن تشاء، لأن المعرفة إذا أعيدت كانت عين الأولى، ولأن (تُؤْتِي الْمُلْكَ) إلى آخره بيان على سبيل الاستئناف لقوله: (مَالِكَ الْمُلْكِ) فيدخل في هذا العام ما أجري الكلام له، وهذا أبلغ مما ذهب إليه.
قوله: (وأمنع من ذلك) أي: من أن يغلبوا. ويكون ملكهم للمسلمين.


الصفحة التالية
Icon