ولا يصح أن تكون (ما) شرطية؛ لارتفاع (تودّ) فإن قلت: فهل يصح أن تكون شرطية على قراءة عبد اللَّه: (ودّت)؟ قلت: لا كلام في صحته، ولكن الحمل على الابتداء والخبر أوقع في المعنى؛ لأنه حكاية الكائن في ذلك اليوم،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ولا يصح أن تكون (مَّا) شرطية، لارتفاع (تَوَدُّ)، قال صاحب "التقريب": وفيه نظر، لمجيء قوله:
وإن أتاه خليل يوم مسألة... يقول: لا غائب مالي ولا حرم
وقال أبو البقاء: إنها شرطية، وارتفع (تَوَدُّ) على إرادة الفاء، أي: فهي تود، ويجوز أن يرتفع من غير تقدير حذف، لأن الشرط ها هنا ماض، وإذا لم يظهر في الشرط لفظ الجزم جاز في الجزاء الجزم والرفع.
نقل الإمام عن الواحدي أنه يجوز أن تكون (مَّا) شرطية، وإلا كان يلزم أن تجزم (تَوَدُّ) وترفع، ولم يقرأ أحد إلا بالرفع، وكان هذا دليلاً على أن (مَّا) ها هنا بمعنى: الذي.
وقلت: ويؤيده أن القراء لما أجمعت على الرفع، فلو حمل على الشرط وكان الجزم مختاراً، لزم أنهم أجمعوا على غير المختار، من غير ضرورة، ولو حمل على الابتداء والخبر لم يلزم ذلك ويحصل المقصود من إرادة الثبات، فكان هذا أولى.
قوله: (لأنه حكاية الكائن) أي: الواقع، فلا مناسبة للشرط والجزاء، وإخبار الله عن الآتي بمنزلة الواقع الثابت، كقوله تعالى: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ) [إبراهيم: ٢١] وقوله: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ) [الأعراف: ٤٤].