وعن الحسن: زعم أقوام على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنهم يحبون اللَّه، فأراد أن يجعل لقولهم تصديقًا من عمل، فمن ادعى محبته وخالف سنة رسول الله، فهو كذاب، وكتاب اللَّه يكذبه، وإذا رأيت من يذكر محبة اللَّه ويصفق بيديه مع ذكرها ويطرب وينعر ويصعق فلا تشك في أنه لا يعرف ما اللَّه؟ ولا يدرى ما محبة اللَّه؟ وما تصفيقه وطربه ونعرته وصعقته إلا لأنه تصوّر في نفسه الخبيثة صورة مستملحة معشقة، فسماها اللَّه بجهله ودعارته، ثم صفق وطرب ونعر وصعق على تصوّرها، وربما رأيت المنىَّ قد ملأ إزار ذلك المحب عند صعقته، وحمقى العامة على حواليه قد ملؤوا أردانهم بالدموع لما رققهم من حاله، وقرئ: (تحبون)، (ويحببكم) و (ويحبكم)، من حبه يحبه، قال:....
أُحِبُّ أبَا ثَرْوَانَ مِنْ حُبِّ تَمْرِهِ وَأَعْلَمُ أنّ الرِّفْقَ بِالْجَارِ أَرْفَقُ

وَوَاللَّهِ لَوْلَا تَمْرُهُ ما حَبَبْتُهُ وَلَا كَانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ وَمُشْرِق
(فَإِنْ تَوَلَّوْا): يحتمل أن يكون ماضياً، وأن يكون مضارعاً بمعنى: فإن تتولوا، ويدخل في جملة ما يقول الرسول لهم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (ما الله؟ ) أي: ما جلاله وعظمته؛ لأن ما إذا استعمل في ذوي العلم حمل على السؤال عن الوصف، ومنه الحديث: "ويحك! أتدري ما الله؟ " قاله لأعرابي.
قوله: (أردانهم). الجوهري: الردن، بالضم: الكم، والجمع: أردان.
قوله: (أحب أبا ثروان)... الأبيات. عبيد ومشرق: ابنا الشاعر، وفي البيتين إقواء، لاختلاف حركات الروي، يقول: أحب هذا الرجل لأجل تمره، ولولا تمره ما حببته ولا كان أقرب إلي من ولدي، لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها.


الصفحة التالية
Icon