..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقلت: الظاهر هو الأول، لأن "العقود" جمعٌ محلي باللام مستغرق لجميع ما يصدق عليه أنه عقود الله تعالى من الأصول والفروع، ولكن المذكور في السورة أمهاتها وأصولها منصوصاً. وسائر ما يستتبعه مفهوماً ومرموزاً، فقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢] وقوله تعالى: ﴿كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾ [المائدة: ٨] وقوله: ﴿اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٨] وقوله: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ [المائدة: ٦٦]، ثم كَرَّ إلى ذكر الصلاة وعلق به قرينتها التي هي الزكاة في قوله تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمْ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمْ الزَّكَاةَ﴾ [المائدة: ١٢]، وأومأ إلى الحج بتعظيم شعائر الله في قوله: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ﴾ [المائدة: ٩٧]، وأما المعاملات فقد أدمج في قوله: ﴿شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ﴾ [المائدة: ١٠٦] ما يمكن أن يستنبط منه بعض أحكامها، وكذا المناكحات في قوله: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾ [المائدة: ٥]. هذا، وإن قسم الجراحات والحدود والجهاد والأطعمة والأشربة والحكومات وغيرها، السورة مملوءة منها مشحونة بها، ومن أراد أن يستوعب جميع ما يتعلق بربع الجراح فلا يعوزه ذلك نصاً وإشارة، ولأمر ما أخر نزول هذه السورة وفذلكت بقوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً﴾ [المائدة: ٣].
روينا عن الترمذي، عن عبد الله بن عمرو: آخر سورة أنزلت: المائدة.


الصفحة التالية
Icon