..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال محيي السنة: ﴿إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ﴾ أي: ما ذُكِر في قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ﴾ [المائدة: ٣]، وهذا هو المراد من قول المصنف: "إلا محرم ما يُتلى عليكم من القرآن من نحو قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ﴾ ".
انظر أيها المتأمل في نظم هذه الآيات، فإنها مدمج بعضها في بعض وارد على أسلوب عجيب ونمط بديع، وذلك أنه تعالى لما أراد أن يشرع في عقد من العقود المعتبرة فيا لدين، وهو شرعية مناسك الحج، وتعظيم شعائر الله، على وجه يستتبع أحكاماً جمة، ذكر تحليل بهيمة الأنعام توطئة وتسبيباً لذكر تعظيم شعاره، واستثنى منها ما هي محرمة على الإبهام المستدعي للتفصيل والبيان، وجعل قوله: ﴿غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ﴾ قيداً للتوطئة ليتخلص منها إلى المقصود بسببه مشتملاً على معنى رفع الحرج امتناناً، كما قال تعالى: أحللنا لكم بعض الأنعام في حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون لئلا نحرج عليكم، ثم أتى بما اجري له الكلام معظماً مفخماً، فكرر النداء والتنبيه، وذكر المؤمنين بعد استهلال السورة به اعتناء بشأن المتلو بعده وعم النهي في تحليل شعائر الله، واستطرد قصة حجاج اليمامة، ليشير به إلى أن الحيلولة بين الشعائر وبين المتنسكين بها وإن كانوا مخالفين بل مجرمين: تحليل لشعائر الله المنهي عنها، وأوقع ما كان موافقاً لمعنى القيد والتخلص من قوله: ﴿وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا﴾ [المائدة: ٢] اعتراضاً بين القصة ليكون إشارة وإدماجاً إلى أن القاصدين ما داموا محرمين مبتغين فضلاً من ربهم كانوا كالصيد عند المحرم فلا تتعرضوا لهم، وإذا حللتم أنتم وهم فشأنكم وإياهم؛ لأنهم صاروا كالصيد المباح أبيح لكم تعرضهم حينئذ.
ولما فرغ من بيان ما أجري له الكلام أصالة شرع في بيان ما أجمل فيما أتى به، تمهيداً وتوطئة، وهو قوله: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣]، وكما أورد ما كان متصلاً بالتوطئة في


الصفحة التالية
Icon