فنهى اللَّه المسلمين أن يمنعوا أحدا عن حج البيت بقوله (لا تُحِلُّوا)، ثم نزل بعد ذلك (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) [التوبة: ٢٨]، (ما كانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللَّهِ) [التوبة: ١٧].
وقال مجاهد والشعبي: (لا تُحِلُّوا) نسخ بقوله: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) [التوبة: ٥]. وفسر ابتغاء الفضل بالتجارة، وابتغاء الرضوان بأنّ المشركين كانوا يظنون في أنفسهم أنهم على سداد من دينهم، وأنّ الحج يقربهم إلى اللَّه، فوصفهم اللَّه بظنهم.
وقرأ عبد اللَّه: (ولا آمي البيت الحرام) على الإضافة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وابتغاء الرضوان: بأن المشركين كانوا يظنون بأنفسهم أنهم على سداد من دينهم). وقلت: الفائدة في الذكر المبالغة في عدم التعرض، وفي تعظيم الوصف، كما قال: لا تتعرضوا لقوم هذه صفتهم، يعني: انظروا على الوصف ولا تنظروا إلى من اتصف به، فعظموه أين وجدتموه وإن كان في عدو مناوئ، فإنه حقيق بالتعظيم، وهذا يُضاد التغليظ في قوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ﴾ [آل عمران: ٩٧] حثاً للمسلمين على الاتصاف به، وتأليفاً لقلوب المخالفين، وفيه إشارة إلى أن الرغبة في الحج هي علامة الإيمان، وعنه أمارة الكفر.
قوله: (ولا آمي البيت الحرام). قال أبو البقاء: ﴿وَلا آمِّينَ﴾: ولا قتال آمين أو أذى آمين، وقرئ في الشواذ: "ولا آمي البيت" بحذف النون والإضافة، ﴿يَبْتَغُونَ﴾ في موضع الحال من الضمير في ﴿آمِّينَ﴾ ولا يجوز أن تكون صفة لـ ﴿آمِّينَ﴾، لأن اسم الفاعل إذا وُصِفَ لم يعمل في الاختيار.