ومعنى صدّهم إياهم عن المسجد الحرام: منع أهل مكة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والمؤمنين يوم الحديبية عن العمرة، ومعنى الاعتداء: الانتقام منهم بإلحاق مكروهٍ بهم.
(وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى): على العفو والإغضاء (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ): على الانتقام والتشفي، ويجوز أن يراد العموم لكل برّ وتقوىً، وكل إثمٍ وعدوانٍ، فيتناول بعمومه العفو والانتصار.
[(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) ٣].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كنتم)، بالكسر لقصد التوبيخ والتجهيل في ارتكاب الإسراف وتصوير أن الإسراف من العاقل في مثل هذا المقام واجب الانتفاء حقيق أن لا يكون ثبوته له إلا على مجرد الفرض.
قوله: (ويجوز أن يُراد العموم لكل بر وتقوى)، وهذا أولى لتصير الآية من جوامع الكلم ويكون تذييلاً للكلام السابق، فيدخل في البر والتقوى جميع مناسك الحج، قال الله تعالى: ﴿فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ [الحج: ٣٢] والعفو والإغضاء أيضاً، وفي النهي عن الإثم والعدوان عدم التعرض لقاصدي البيت الحرام دخولاً أولياً، وعلى الوجه الأول يكون عطفاً على ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ﴾ من حيث المعنى، لأنه من باب لا أرينك ها هنا، كأنه قيل: لا تعتدوا على قاصدي البيت الحرام لأجل أن صدكم قريش عن البيت الحرام، وتعاونوا على العفو والإغضاء، ومن ثم قيل: الوقف على ﴿أَنْ تَعْتَدُوا﴾ لازم؛ لأن الاعتداء منهيٌّ عنه والتعاون