..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين إفراط وتفريط بالإضافة إلى شريعتنا، وذلك على حسب ما كنت تقتضي حكمة الله تعالى في كل زمان، فكمله الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجعله وسطاً مصوناً عن الإفراط والتفريط، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً﴾ [البقرة: ١٤٣]، وكما قال صلى الله عليه وسلم: "مثلُ الأنبياء كرجل بني داراً فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة، وجعل الناس يدخلونها ويتعجبون ويقولون: لولا موضع تلك اللبنة" أخرجه البخاري والترمذي عن جابر، وزاد مسلم في حديثه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فأنا موضع تلك اللبنة جئت فختمت الأنبياء". قال الراغب: هذا هو الذي يقتضي أن تكون شريعته مؤبدة ولا تُنسخ ولا تغير، فالأشياء في التغيير والتنقل مالم تكمل، فإذا كمُلت فتغييرها فسادٌ لها، ولهذا قال: ﴿فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ﴾ [يونس: ٣٢].
فإن قيل: كيف يقال: إن الأديان كلها ناقصة قبل المبعث وأن يكون دينه ﷺ قبل ذلك اليوم ناقصاً؟ قيل: الكامل والناقص من الأسماء المتضايفة التي تُقال باعتبار بعضها ببعض، كالصبي إذا اعتبر بالرجل فهو غير كامل، وإذا اعتبر بمن هو على سنه فهو كامل إذا لم يكن مؤوفاً، فكذلك دين الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اعتبر بأهل زمانهم كان كاملاً، وإذا اعتبر بدين النبي ﷺ وزمانه لم يكن كاملاً، وليس النقصان المستعمل هو النقص المذموم، فلفظة ناقص تستعمل على وجهين.
فإن قيل: كيف يقال: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ﴾ ودينه دين إبراهيم عليهما الصلاة والسلام حيث قال: ﴿مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ﴾ [الحج: ٧٨]؟ قيل: إن هذا الدين