(ذلِكُمْ فِسْقٌ) اعتراض أكد به معنى التحريم، وكذلك ما بعده لأن تحريم هذه الخبائث من جملة الدين الكامل والنعمة التامة والإسلام المنعوت بالرضا دون غيره من الملل. ومعناه: فمن اضطرّ إلى الميتة أو إلى غيرها (فِي مَخْمَصَةٍ): في مجاعةٍ (غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ): غير منحرفٍ إليه، كقوله: (غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) [البقرة: ١٧٣] (فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ): لا يؤاخذه بذلك.
[(يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ)].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هو الدين المرضي وحده" بالاختصاص مع انضمام قوله: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ [آل عمران: ٨٥] دلالة قوله تعالى: ﴿وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً﴾ [الأحقاف: ١٥] مع قوله: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، على أن مدة الحمل ستة أشهر.
الراغب: نبه بقوله: ﴿وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً﴾ على أن الإسلام هو الدين المرتضى على الإطلاق لا تبديل له ولا تغيير، وسائر الأديان قبله كان مرتضى وقتاً دون وقت، وعلى وجه دون وجه، ولقوم دون قوم، وهذا الدين بعد أن شُرع كان مرتضى في كل وقت، ولهذا قال رسول الله ﷺ في موسى: "لو كان حياً ما وسعه إلا اتباعي"، ولأجل ذلك قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾ [آل عمران: ٨٥].
قوله: (﴿ذَلِكُمْ فِسْقٌ﴾: اعتراض) وكذلك ما بعده، وهي سبع جُمل، وفي هذا الاعتراض البليغ، وتقدم بيان تحريما المطعم على سائر الأحكام إيذانٌ باهتمام أمر المطعم، وأن قاعدة الأمر


الصفحة التالية
Icon