(وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) عطف على (الطيبات) أي: أحل لكم الطيبات وصيد ما علمتم فحذف المضاف. أو تجعل (ما) شرطية، وجوابها (فَكُلُوا).
والجوارح: الكواسب من سباع البهائم والطير، كالكلب والفهد والنمر والعقاب والصقر والبازي والشاهين.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (أو تجعل ﴿مَا﴾ شرطية) عطفٌ على قوله: "وصيد ما علمتم فحذف المضاف"، فعلى الأول: ﴿ما﴾ موصولة، و ﴿مِنْ الْجَوَارِحِ﴾ بيانية، وعلى هذا: ﴿ما﴾ شرطية على تقدير المضاف أيضاً، رُوي عن المصنف أنه سُئل عنه وقيل: فإذن يبطل كونها شرطية؟ فقال: لا، لأن المضاف إلى الاسم الحامل لمعنى الشرط في حكم المضاف إليه، تقول: غلام من تضرب أضرب.
وقال صاحب "اللباب": فإن تقدم أسماء الشرط الجار فالمعنى الموجب لها التصدر، فقدر قبله لاتحاده بها، فعلى هذا يكون تقدير غلام من تضرب أضرب: إن تضرب غلام زيد أضرب، وفيه بحث؛ لأنه ليس من مواضع وضع المظهر موضع المضمر في الجزاء- يعني قوله: ﴿مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ﴾ وُضع موضع ضمير"صيد ما علمتم" لما دل ذلك على التعظيم والفخامة- لكن هو من التكرير الذي لا يُناط به حكم آخر من قوله: ﴿وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ الآية.
ويُمكن أن يقال: إن السائل كأنه كان متردداً في حل ما أمسكه الضواري، فتقدم في الجواب ﴿أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَاتُ﴾ وعطف عليه "صيد ما علمتم" اختصاصاً له، ثم زيد في المبالغة بأن جعل الجزاء عين الشرط، ويجوز أن لا يُقدر المضاف فتكون الجملة الشرطية معطوفة على جملة قوله: ﴿أُحِلَّ لَكُمْ﴾، فعلى هذا "أو تجعل" في الكتاب عطفٌ على قوله: " ﴿وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ﴾ عطفٌ على ﴿الطَّيِّبَاتُ﴾ ".