وفرق العلماء، فاشترطوا في سباع البهائم ترك الأكل لأنها تؤدّب بالضرب، ولم يشترطوه في سباع الطير. ومنهم من لم يعتبر ترك الأكل أصلاً، ولم يفرق بين إمساك الكل والبعض. وعن سلمان وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة رضي اللَّه عنهم: إذا أكل الكلب ثلثيه وبقي ثلثه وذكرت اسم اللَّه عليه فكل.
فإن قلت: إلام رجع الضمير في قوله: (وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ)؟ قلت. إما أن يرجع إلى (مما أمسكن) على معنى: وسموا عليه إذا أدركتم ذكاته، أو إلى (وما علمتم من الجوارح) أي: سموا عليه عند إرساله.
[(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ)].
(وطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) قيل: هو ذبائحهم. وقيل: هو جميع مطاعمهم، ويستوي في ذلك جميع النصارى. وعن علي رضي اللَّه عنه: أنه استثنى نصارى بني تغلب وقال: ليسوا على النصرانية ولم يأخذوا منها إلا شرب الخمر، وبه أخذ الشافعي. وعن ابن عباس أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال: لا بأس. وهو قول عامة التابعين، وبه أخذ أبو حنيفة وأصحابه.
وحكم الصابئين حكم أهل الكتاب عند أبى حنيفة. وقال صاحباه: هم صنفان: صنف يقرؤون الزبور ويعبدون الملائكة. وصنف لا يقرؤون كتاباً ويعبدون النجوم،...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنفسكم، فعُلِم أن العقل لا استقلال له في أمور الدين، وأن العلوم الدينية المشوبة بهوى النفس لا اعتداد بها.