فإن قلت: ظاهر الآية يوجب الوضوء على كل قائم إلى الصلاة محدث وغير محدث، فما وجهه؟ قلت: يحتمل أن يكون الأمر للوجوب، فيكون الخطاب للمحدثين خاصة، وأن يكون للندب. وعن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم والخلفاء بعده، أنهم كانوا يتوضؤون لكل صلاة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقال بعضهم: الآية تقتضي الترتيب، لأن الفاء في قوله: ﴿فَاغْسِلُوا﴾ تقتضي ترتب غسل الوجه على القيام، فإذا ثبت ترتب غسل الوجه على القيام ثبت في غيره؛ لأن أحداً لم يفصل، وليس ذلك بشيء، فإن الفاء وإن اقتضى الترتيب فإن مقتضى ذلك في الجملة لا في البعض، ولم يقتض ترتيب الأعضاء المأمور بغسلها بعضها على بعض، والأظهر أن الترتيب اقتضاه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أبدأ بما بدأ الله به"، وفعله الذي فعله بياناً للآية، وقد رتب ثم قال: "هذا وضوءٌ لا يقبل الله الصلاة إلا به".
ويمكن أن يقال: والنظم أيضاً يقتضي الترتيب؛ لأنه لو لم يرد ذلك لأوجب تقديم الممسوح أو تأخيره عن المغسول، ولأنهم يقدمون الأهم فالهم، فالأحوط مراعاة الترتيب.
الانتصاف: قوله: "لان الفعل يوجد بقدرة القادر... " إلى آخره يستقيم من السُّني والمعتزلي، السني يقول: الفعل يوجد بقدرة العبد مقارناً لها، والمعتزلي يقول: مخلوقاً بها.
قوله: (وأن يكون للندب). قال صاحب "الفرائد": لا يجوز أن يكون للندب، لأن الإجماع مُنعقد على أن الوضوء للصلاة فرض، لأن الأمر للوجوب إلا لمانع، وقال: أما الجواب عن السؤال الذي أورده في "الكشاف" فهو أن يقال: تقدير الآية: وأنتم محدثون، بوجهين، أحدهما: أنه يستحيل بدون هذا التقدير أن يتفصى المكلف عن عهدة التكليف؛ لأنه إذا