لأن الإعسار علة الإنظار، وبوجود الميسرة تزول العلة، ولو دخلت الميسرة فيه لكان مُنظراً في كلتا الحالتين معسراً وموسراً. وكذلك (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) [البقرة: ١٨٧] لو دخل الليل لوجب الوصال. ومما فيه دليل على الدخول قولك: حفظت القرآن من أوله إلى آخره؛ لأنّ الكلام مسوق لحفظ القرآن كله. ومنه قوله تعالى: (مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) [الإسراء: ١] لوقوع العلم بأنه لا يسرى به إلى بيت المقدس من غير أن يدخله.
وقوله: (إِلَى الْمَرافِقِ) و (إِلَى الْكَعْبَيْنِ) لا دليل فيه على أحد الأمرين، فأخذ كافة العلماء بالاحتياط فحكموا بدخولها في الغسل. وأخذ زفر وداود بالمتيقن فلم يدخلاها. وعن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه كان يدير الماء على مرفقيه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في "المفصل"، أن "إلى" لا يدخل ما بعدها فيما قبلها، بخلاف "حتى"، وذكر هاهنا أن "إلى" لمطلق الغاية. وقلت: الذي ذكره في "المفصل": و"حتى" في معناه، إلا أنها تفارقها في أن مجرورها يجب أن يكون آخر جزء من الشيء أو ما يلاقي آخر جزء منه. وقال أيضاً: إن من حق "حتى" أن يدخل ما بعدها فيما قبلها، وهذا لا يدل على أن حكم "إلى" ما ذكره، بل حكمها أعم كما ذكره في "الكتاب". وفي "الإقليد": و"إلى" مطلقة تستعمل في كل غاية. نعم، هو مما خالف فيه النحويون على ما ذكره ابن الحاجب: وقد جاءت "إلى" وما بعدها داخل في الحكم فيما قبلها، وجاءت ما بعدها غير داخل، فمنهم من حكم بالاشتراك، ومنهم من حكم بظهور الدخول، ومنهم من حكم بظهور انتفاء الدخول، وعليه النحويون، ووجوب دخول المرافق في وجوب الغسل ليس من ظاهر الآية، وإنما حملُ ذلك من السنة.
قوله: ) فأخذ كافة العلماء بالاحتياط، فحكموا بدخولها في الغسل، واخذ زفر وداود


الصفحة التالية
Icon