العاملين أعمالهم! وعن عامر بن عبد اللَّه: أنه بكى حين حضرته الوفاة، فقيل له: ما يبكيك فقد كنت وكنت؟ قال: إني أسمع اللَّه يقول: (إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).
(ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ): قيل: كان أقوى من القاتل وأبطش منه، ولكنه تخرج عن قتل أخيه واستسلم له خوفاً من اللَّه؛ لأنّ الدفع لم يكن مباحاً في ذلك الوقت؛ قاله مجاهد وغيره.
(إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ): أن تحتمل إثم قتلى لك لو قتلتك وإثم قتلك لي.
فإن قلت: كيف يحمل إثم قتله له، ولا تزر وازرة وزر أخرى؟ قلت: المراد بمثل إثمي؛ على الاتساع في الكلام، كما تقول: قرأت قراءة فلانٍ، وكتبت كتابته؛ تريد: المثل، وهو اتساع فاشٍ مستفيض، لا يكاد يستعمل غيره،.......
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (قد كنتَ وكنتَ) أي: كنت عابداً صالحاً ونحوهما.
قوله: (أن تحتمل إثم قتلى لك) تأويل لقوله: ﴿أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي﴾، وليس بتفسيره، يعني أنه كناية عن إرادة تمكنه منه، قال تعالى: ﴿بَاءَ بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ﴾ [الأنفال: ١٦] أي: حل مبوأ ومعه غضب الله، ونحوه قولك: تربع فلان في لحمه، ومنه ما ورد في "الصحيح": "أبوء لك بنعمتك علي وأبوء لك بذنبي"، وتأويلهم إياه بـ "أعترف"، وقال الشاعر:
أنكرت باطلها وبؤت بحقها
أي: أقررت بحقها.
قوله: (المراد: بمثل إثمي؛ على الاتساع)، ومعنى الاتساع: أن ينسب إلى شيء ما لا تصح استقامته إلا بتقدير، نحو: ما مر في قوله تعالى: ﴿هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ﴾ [البقرة: ٢٥]،


الصفحة التالية
Icon