والمراد بالإثم: وبال القتل وما يجره من استحقاق العقاب. فإن قلت: لم جاء الشرط بلفظ الفعل والجزاء بلفظ اسم الفاعل، وهو قوله: (لَئِنْ بَسَطْتَ... ما أَنَا بِباسِطٍ)؟ قلت: ليفيد أنه لا يفعل ما يكتسب به هذا الوصف الشنيع. ولذلك أكده بالباء المؤكدة للنفي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الكائنات ما لا يريده الله، وهو القبائح كلها، وهو الشرك الخفي، وإنما أراد إثم أخيه وعقوبته لأنه أراد: لا أعاقبك ولا أقتلك، ولما لم يكن بد من إرادة أحد الأمرين؛ إما إثمه بتقدير دفعه عن نفسه فيقتل أخاه، أو إثم أخيه، وكان غير مريد للأول، اضطر إلى الثاني، ولم يرد إثم أخيه بعينه، بل أراد ترك المدافعة، فيلزم منها ذلك، وهو كما يتمنى المسلم الشهادة فيتضمن ذلك أن يبوء الكافر بإثمه لكن لم يقصد إثم الكافر بعينه بل أراد بذل نفسه لله تعالى، وجاء إثم الكافر ضمناً.
قوله: (أنه لا يفعل ما يكتسب به هذا الوصف الشنيع) أي: لا أفعل فعلاً يُشتق منه هذا الوصف، وهو أن يقال مثلاً: هو باسط اليد، فإن الفعل الصادر عن الشخص ملزوم كونه فاعلاً، فإذا انتفى اللازم لينتفي الملزوم على الكناية كان أبلغ وأدل على شناعة الفعل.
الانتصاف: صيغة الفعل لا تُعطي إلا حدوث معناه من الفاعل لا غيرن أما اتصاف الذات به فذلك لما كان يعطيه اسم الفاعل عدل من الفعل إلى الاسم تغليطاً، إذ يصير ذلك كالسمة العلامة الثابتة.
قلت: قصده أن يبالغ في الامتناع، ولو وجه على هذا لكان العكس أولى، إذ لا يلزم من نفي الاتصاف المذكور نفي الحدوث، وفي التركيب أيضاً تأكيد ومبالغة، لأن اللام في ﴿لَئِنْ﴾ موطئة للقسم و ﴿مَا أَنَا بِبَاسِطٍ﴾ جواب القسم وسد مسد جواب الشرط.


الصفحة التالية
Icon