فبعث اللَّه غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما الآخر، فحفر له بمنقاره ورجليه ثم ألقاه في الحفرة (قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ).
ويروى أنه لما قتله اسودّ جسده وكان أبيض فسأله آدم عن أخيه فقال: ما كنت عليه وكيلاً! فقال: بل قتلته ولذلك اسودّ جسدك. وروي أنّ آدم مكث بعد قتله مئة سنةٍ لا يضحك، وأنه رثاه بشعرٍ! وهو كذب بحت، وما الشعر إلا منحول ملحون، وقد صحّ أن الأنبياء عليهم السلام معصومون من الشعر. (لِيُرِيَهُ): ليريه اللَّه، أو ليريه الغراب، أي: ليعلمه، لأنه لما كان سبب تعليمه، فكأنه قصد تعليمه على سبيل المجاز. (سَوْأَةَ أَخِيهِ): عورة أخيه وما لا يجوز أن ينكشف من جسده. والسوأة: الفضيحة لقبحها. قال:
يَا لَقَوْمِ لِلسَّوْأةِ السَّوْآء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (رثاه بشعر)، وهو على ما رواه محيي السنة:

تغيرت البلاد ومن عليها فوجه الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي طعم ولون وقل بشاشة الوجه الصبيح
ورُوي عن ابن عباس أنه قال: من قال: إن آدم قال شعراً فقد كذب، إن محمداً صلوات الله عليه وسلامه والنبياء كلهم في النهي عن الشعر سواء، لكن رثاه آدم بالسريانية فلم يزل يُنقل حتى وصل إلى يعرب بن قحطان، وهو اول من خط بالعربية، فنظر في المرثية فقدم وأخر وجعله شعراً عربياً.
قوله: (يا لقوم للسوأة)، الأساس: ووقعت في السوأة السواء، قال أبو زبيد:


الصفحة التالية
Icon