وكانوا ينفونهم إلى دهلك؛ وهو بلدٌ في أقصى تهامة، وناصع؛ وهو بلدٌ من بلاد الحبشة. (خِزْيٌ): ذلّ وفضيحة. (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا): استثناءٌ من المعاقبين؛ عقاب قطع الطريق خاصةً، وأما حكم القتل والجراح وأخذ المال، فإلى الأولياء، إن شاءوا عفوا، وإن شاءوا استوفوا. وعن علي رضى اللَّه عنه: أنه الحرث بن بدر جاءه تائباً بعد ما كان يقطع الطريق، فقبل توبته ودرأ عنه العقوبة.
[(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)].
الوسيلة: كل ما يتوسل به؛ أي: يتقرّب من قرابةٍ أو صنيعة أو غير ذلك، فاستعيرت لما يتوسل به إلى اللَّه تعالى من فعل الطاعات وترك المعاصي. وأنشد للبيد:
| أَرَى النَّاسَ لَا يَدْرُونَ مَا قَدْرُ أمْرِهِمْ | أَلَا كُلُّ ذّي لُبٍ إلىَ اللَّهِ وَاسِلُ |
معنى التشديد والغلظة، فوقع الاستغناء بتلك المقدمة عن بيان تقسيم الأجزية على أنواع الجناية نصاً، وهذا التقسيم يرجع إلى أصل لهم، وهو أن الجملة إذا قوبلت بالجملة ينقسم البعض على البعض، كما يقال لمن يسأل عن حدود الكبائر: هي جلد مئة، أو ثمانين، أو الرجم، أو القطع، يُفهم منه التقسيم والتفصيل لا التخيير، فكذا هاهنا، فظهر أن معنى الآية: أن جزاء المحاربين لا يخلو من هذه الأنواع: إما أن يُقتلوا من غير صلب إن أفردوا القتل، أو يُصلبوا مع القتل إن جمعوا بين أخذ المال والقتل، أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف إن أفردوا الأخذ، أو ينفوا من الأرض إن أفردوا إخافة السابلة.
قوله: (دهلك) غير منصرف، للعجمة والتأنيث.
قوله: (أرى الناس لا يدرون) البيت، أوله.