..................................
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النصب، أما قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا﴾ [المائدة: ٣٨]، ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا﴾ [النور: ٢] فلم بُين على الفعل لكن على مثال: ﴿مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ﴾، ثم قال بعده: ﴿فِيهَا أَنْهَارٌ﴾ [محمد: ١٥]، يريد سيبويه تمييز هذه الآية عما اختار فيه النصب بأنه في هذه الآية ليس الاسم مبنياً على الفعل بخلاف غيرها، ثم قال سيبويه: وإنما وضع المثل للحديث الذي ذكره بعده، فكأنه قال: ومن القصص مثل الجنة، فهو محمول على هذا، وكذلك ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي﴾ ثم جاء ﴿فَاجْلِدُوا﴾ بعد أن مضى فيهما الرفع، يريد سيبويه انه لم يكن الاسم مبنياً على الفعل المذكور بعده، بل بُني على محذوف، وجاء الفعل طارئاً عليه.
قال سيبويه: وقد جاء:
وقائلةٍ: خولان فانكح فتاتهم
فجاء بالفعل بعد أن عمل فيه المضمر، كذلك ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ أي: فيما فرض عليكم. وقد قرأ ناس: "والسارق والسارقة" بالنصب، وهو في العربية على ما ذكرت لك من القوة، ولكن أبت العامة إلا الرفع. يريد أن قراءة النصب جاء الاسم فيها مبنياً على الفعل وغيرُ معتمدٍ على متقدم، فكان قوياً بالنسبة إلى الرفع حيث بنى الاسم على الفعل لا على الرفع حين يعتمد الاسم على المحذوف المتقدم، وقد سبق منه أنه يخرجه من الباب الذي يختار فيه النصب، والتبس على الزمخشري، لأنه ظن أن الكل باب واحد، ألا تراه قال: "زيداً فاضربه، أحسن من: زيدٌ" رجح النصب مطلقاً، وسيبويه صرح أن الكلام في الآية مع الرفع مبني على كلام متقدم، وحققه بأن الكلام واقع بعد قصص وأخبار، ولو كان كما نه الزمخشري لم يحتج سيبويه إلى تقدير إضمار خبر، بل يرفعه بالابتداء والأمر خبره، فتلخيصه: أن النصب له وجه واحد على الفعل، والرفع على وجهين أضعهما بناء الكلام على الفعل، وأقواهما رفعه بخبر مبتدأ محذوف فتحمل القراءة المشهورة على القوي.


الصفحة التالية
Icon