من قولهم: دعواهم: يا لكعبٍ. ويجوز: فما كان دعواهم ربهم إلا اعترافهم؛ لعلمهم أن الدعاء لا ينفعهم، وأن لات حين دعاء، فلا يزيدون على ذمّ أنفسهم وتحسرهم على ما كان منهم،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما كانوا يدعونه، أي: وضعنا الشيء في غير موضعه، وعلى الثاني: الدعاء، إما محمول على الاستغاثة، أي: فما كان استغاثتهم إلا عن أنفسهم، والإقرار بالعجز، فيكون قوله: (إنا كنا ظالمين) كناية عن أنهم رجعوا مما كانوا يستغيثون إليه قبل ذلك، لأنهم علموا حينئذٍ أن لا مستغاث من الله بغيره. وإما هو مجرى على ظاهره. فقوله: (إنا كنا ظالمين) أيضاً كناية عن اعترافهم، لكن بالظلم على أنفسهم، بسبب المعاصي، من قوله: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا) [الأعراف: ٢٣]، وقوله: (فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا) [غافر: ١١]. وإليه الإشارة بقوله: "فلا يزيدون على ذم أنفسهم، وتحسرهم على ما كان منهم".
قوله: (دعواهم: يا لكعبٍ). قل: إنما أدخلوا اللام على المستغاث، لأن النداء حينئذٍ اضطراري، نحو: يا لكعب، فلابد من نصب علامةٍ ليتميز من النداء الاختياري، نحو: يا غلام، وعينت اللام للاختصاص، والموضع موضعه.
قوله: (وأن لات حين دعاء)، قال صاحب "المقتبس": "إن التاء إنما أردفت بـ"لا" المشبهة بـ"ليس" لتصير بها مشبهاً بـ"ليس" صورةً، كما لها شبه معنى، فيحسن فيها إضمار اسمها، لأن إضمار الاسم لا يكون في الحروف. والإضمار في "لات" كما في "ليس" ذكره سيبويه. وإنما اختصت بالأحيان لما في دخولها على غيرها من إلباس، لأن "لا" ليست لنفي الحال صريحاً، فتختص بالدخول على الأحيان، بخلاف "ليس" فهي أينما وقعت: لنفي الحال، فلا تختص بالأحيان".


الصفحة التالية
Icon