..................................
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال الزجاج: "زعم الأخفش أن (ثم) هاهنا بمعنى الواو، يعني في قوله: (ثم قلنا)، لأنه يستدعي أن يعقب القول خلق المخاطبين بعد زمانٍ متراخٍ، وليس كذلك، والواو ليست للترتيب، فـ (ثم) بمعنى الواو". ثم قال الزجاج: "وهذا خطأ كبير لا يجيزه الخليل وسيبويه، ولا من يوثق بعلمه. وإنما المعنى إنا بدأنا خلق آدم من تراب، ثم صورناه. أي: هذا أصل خلقكم، ثم بعد الفراغ من أصلكم أمرت الملائكة بالسجود".
ولخصه القاضي حيث قال: "ابتدأنا خلقكم ثم تصويركم بأن خلقنا آدم ثم صورناه، ثم قلنا للملائكة: اسجدوا، وقيل: (ثم قلنا) لتأخير الإخبار".
وقال السجاوندي: "المراد بهما آدم. يقال: ضربناكم وهزمناكم. كقوله تعالى: (وإذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ ورَفَعْنَا فَوْْقَكُمُ الطُّورَ) [البقرة: ٦٣]. وفائدته الامتنان على المخاطبين".
وقلت: يمكن أن تحمل (ثم) على التراخي في الرتبة، لأن مقام الامتنان يقتضي أن يقال: إن كون أبيهم مسجوداً للملائكة، أرفع درجة من خلقهم وتصويرهم. وفيه تلويح إلى شرف العلم، وتنبيه للمخاطبين على تحصيل ما فاز به أبوهم من تلك الفضيلة، ومن ثم عقب في "البقرة" الأمر بالسجود مسألة التحدي بالعلم.