وعن عمر رضي الله عنه: من تواضع لله رفع الله حكمته، وقال: انتعش أنعشك الله، ومن تكبر وعدا طوره وهصه الله إلى الأرض.
[(قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ* قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ)].
فإن قلت: لم أجيب إلى استنظاره، وإنما استنظر ليفسد عباده ويغويهم؟ قلت: لما في ذلك من ابتلاء العباد، وفي مخالفته من أعظم الثواب، وحكمه حكم ما خلق في الدنيا من صنوف الزخارف وأنواع الملاذ والملاهي، وما ركب في الأنفس من الشهوات؛ ليمتحن بها عباده.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ..
قوله: (رفع الله حكمته). أي: قدره ومنزلته.
النهاية: "يقال: له عندنا حكمة، أي: قدر".
الأساس: "يقال: لا يقدر على الله من هو أعظم حكمةً منك".
الراغب: "الحكمة من الإنسان: أسفل وجهه. ورفع الحكمة: كناية عن الاعتزاز، لأن من صفة الذليل أن ينتكس، ويضرب بذقنه صدره. وقيل: الحكمة: القدر والمنزلة، من قولهم: لا يقدر على هذا من هو أعظم حكمةً منك".
قوله: (انتعش). أي: ارتفع. يقال: نعشه الله ينعشه: إذا رفعه. وانتعش العاثر: إذا نهض من عثرته. وهو اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه من قول عمر رضي الله عنه، أو هو عطف على "رفع الله"، أي: أراد الله رفعه. قال: "انتعش نعشك الله" أي: رفعك. ولا قول ثمة، كقوله تعالى: (كُن فَيَكُونُ) [البقرة: ١١٧].
قوله: (وهصه الله)، النهاية: "وهصه الله إلى الأرض، أي: رماه رمياً شديداً. والوهص أيضاً: شدة الوطء، وكسر الشيء الرخو".