وقرئ: "هذي الشجرة"، والأصل الياء، والهاء بدلٌ منها، ويقال: وسوس، إذا تكلم كلاماً خفياً يكرره، ومنه: وسوس الحليّ، وهو فعلٌ غير متعدّ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أتى بصيغة التعظيم. وأن قوله: (قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ) [الأعراف: ١٢] إلى آخره، وارد على الاستطراد لحديث الأمر بالسجدة، وامتناع إبليس منه، كما أن قوله: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا) [الأعراف: ٢٨] مستطرد لذكر بدو السوآت. وقوله: (وإذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً) [الأعراف: ٢٨] استطراد في استطراد، لأنه حكاية عن فعل قبيحٍ كانوا يفعلونه، ويزعمون أنه نسك من المناسك، وهو طوافهم بالبيت عراةً، فشنع عليهم بتسميته فاحشة.
والدليل على كونه متسطرداً: العود إلى حديث الاستطراد الأول، بقوله: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف: ٣١]. وفائدة تأخيره عنه الأمر بالتستر، وأكل المباحات، بعد تقبيح تلك الفعلة، والتزني بزي المتقين، ولذلك صرح بذكر (كل مسجدٍ).
ويؤيده قول الإمام: "إن أهل الجاهلية كانوا لا يأكلون الطعام في الموسم إلا القليل، ويحترزون عن الدسم تعظيماً، فأنزل الله تعالى: (وكُلُوا واشْرَبُوا) [الأعراف: ٣١] بياناً لفساد تلك الطريقة".
وسبيل هذا الاستطراد سبيل قوله تعالى: (ولَيْسَ البِرُّ بِأَن تَاتُوا البُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا ولَكِنَّ البِرَّ مَنِ اتَّقَى واتُوا البُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا) [البقرة: ١٨٩] سواء بسواء.
قوله: (وقرئ: "هذي الشجرة")، قال ابن جني: "قرأها ابن محيصن. والهاء في "ذه": بدل من الياء في "ذي". ويدل على أن الياء الأصل قولهم في المذكر: "ذا"، فالألف: بدل