[(قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ)].
وسميا ذنبهما وإن كان صغيراً مغفوراً ظلماً لأنفسهما، وقالا: (لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) على عادة الأولياء والصالحين في استعظامهم الصغير من السيئات، واستصغارهم العظيم من الحسنات.
[(قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ* قالَ فِيها تَحْيَوْنَ وَفِيها تَمُوتُونَ وَمِنْها تُخْرَجُونَ)].
(اهْبِطُوا) الخطاب لآدم وحواء وإبليس، و (بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) في موضع الحال، أي: متعادين؛ يعاديهما إبليس ويعاديانه، (مُسْتَقَرٌّ) استقرار، أو موضع استقرار، (وَمَتاعٌ): وانتفاعٌ بعيشٍ (إِلى حِينٍ): إلى انقضاء آجالكم. وعن ثابتٍ البناني: لما أهبط آدم وحضرته الوفاة أحاطت به الملائكة، فجعلت حواء تدور حولهم،.....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وسميا ذنبهما) إلى قوله: (ظلماً) أتى بالواو ليدل على معطوف عليه، فإنه تعالى لما وبخهما بقوله: (أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وأَقُل لَّكُمَا إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ) استكانا إلى الله، واعترفا بالتقصير، وقالا: (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا)، وسميا ذنبهما ظلماً، هضماً لأنفسهما، على عادة الأنبياء.
قال الإمام: "كان ذلك قبل النبوة، لأنه بعد النبوة لا يجوز عليهم صغيرة ولا كبيرة".
وقيل: إن ذلك صدر منه سهواً، لقوله تعالى: (فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا) [طه: ١١٥]، وعليه ظاهر كلام المصنف. وقيل: عن قصد، لأن قوله: (مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ)، إلى قوله: (وقَاسَمَهُمَا إنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) صدر عن إبليس حال إقدامه على الذنب.