بأن كان سبباً في أن نزع عنهما، (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ) تعليل للنهي، وتحذير من فتنته، بأنه بمنزلة العدوّ المداجي يكيدكم ويغتالكم من حيث لا تشعرون.
وعن مالك بن دينار: إنّ عدواً يراك ولا تراه، لشديد المؤنة إلا من عصم الله.
(وَقَبِيلُهُ): وجنوده من الشياطين، وفيه دليل بين أن الجنّ لا يرون ولا يظهرون للإنس، وأن إظهارهم أنفسهم ليس في استطاعتهم، وأن زعم من يدّعي رؤيتهم زورٌ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (العدو المداجي)، الجوهري: "المداجاة: المداراة. يقال: داجيته، أي: داريته، كأنك ساترته العداوة".
قوله: (إلا من عصم الله). يجوز أن يكون الاستثناء متصلاً، أي: لا يخلص من مؤنته وكيده، إلا من عصمه الله. ويمكن أن يكون منقطعاً، أي: لكن من عصمه الله خفيف المؤنة.
قوله: (وأن زعم من يدعي رؤيتهم زور ومخرقة)، هذا يناقض ما رواه في "الأحقاف"، عن عبد الله بن مسعود، في قصة الجن، وفيها: "غشيته - أي: رسول الله صلي الله عليه وسلم - أسودة كثيرة، حالت بيني وبينه، إلى قوله صلي الله عليه وسلم: "هل رأيت شيئاً؟ " قلت: نعم، رجالاً سوداً، مستثفري ثيابٍ بيض، فقال: "أولئك جن نصيبين".
وأورده الإمام أحمد في "مسنده".


الصفحة التالية
Icon