وعن الحسن: إن الله تعالى بعث محمداً ﷺ إلى العرب وهم قدرية مجبرةٌ يحملون ذنوبهم على الله. وتصديقه قول الله تعالى: (وَإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَامُرُ بِالْفَحْشاءِ)، لأنّ فعل القبيح مستحيل عليه لعدم الداعي ووجود الصارف، فكيف يأمر بفعله؟ !
(أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ) إنكارٌ لإضافتهم القبيح إليه وشهادةٌ على أن مبنى قولهم على الجهل المفرط.
وقيل: المراد بالفاحشة: طوافهم بالبيت عراةً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (هم قدرية مجبرة يحملون ذنبهم على الله تعالى)، هذه فرية على الحسن، فإن القدرية من يثبت خالقاً غير الله. ووجه المناسبة بين هذا الاسم والمسمى يجيء في (حم) السجدة، على وجه يلزم طائرهم في عنقهم.
قوله: (لأن فعل القبيح مستحيل عليه، لعدم الداعي، ووجود الصارف)، قال القاضي: "إن الله لا يأمر بالفحشاء، لأن عادته جرت على الأمر بمحاسن الأفعال، والحث على مكارم الخصال، ولا دلالة فيه على أن قبح الفعل - بمعنى ترتب الذم عليه آجلاً - عقلي".
قوله: (وقيل: المراد بالفاحشة: طوافهم بالبيت عراةً)، هذا قول ابن عباس ومجاهد. كذا في "معالم التنزيل". ويساعد عليه السياق والسباق. أما السياق فإن قوله: (يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا) يدل على وجه التشبيه في قوله: (لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الجَنَّةِ) [الأعراف: ٢٧] أي: لا تتصفوا بصفةٍ يوقعكم الشيطان بسببها في الفتنة، وهي: العري


الصفحة التالية
Icon